صفات الرسول الخَلْقيّة
كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أجمل الناس، وأحسنهم خلقاً، مصداقاً لما رُوي عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال عنه: (لم أر شيئًا قطُّ أحسنَ منهُ)، وقد وصفه الصحابة -رضي الله عنهم- وصفاً دقيقاً، وفيما يأتي بيان بعض أوصافه عليه الصلاة والسلام:
- لون البشرة: كان لون بشرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبيضاً مائلاً إلى الحمرة، مصداقاً لما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- قائلاً: (أزْهَرَ اللَّوْنِ ليسَ بأَبْيَضَ، أمْهَقَ ولَا آدَمَ).
- ملامح الوجه والشعر: وصف الصحابة -رضي الله عنهم- وجه النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه كالقمر المنير، وبأنه أحسن الناس وجهاً، حيث رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه- أنه قال: (ما رأيتُ شيئًا أحسنَ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، كأنَّ الشمسَ تجري في وجهِه، وما رأيتُ أحدًا أسرعَ في مِشيتِه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، كأنما الأرضُ تُطوى له، إنا لنجهدُ أنفسَنا، وإنه لغيرُ مكترِثٍ)، ورُوي عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (فلما سَلَّمتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يَبرُقُ وجهُه مِن السُّرورِ، وكان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذا سُرَّ استَنارَ وجهُه، حتى كأنه قِطعَةُ قَمَرٍ، وكنا نعرفُ ذلك منه).
ومن صفاته -عليه الصلاة والسلام- أنه كان عظيم الفم، واسع العينين، مصداقاً لما رُوي عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كان رسولُ اللهِ ضليعَ الفمِ، أشكلَ العينِ)، وكان واسع الجبين، عظيم الفم، أبيض الأسنان، إذا تكلّم كأن النور يشعّ من فمه، مصداقاً لما رُوي عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ضَلِيعَ الفَمِ، أَشْكَلَ العَيْنِ، مَنْهُوسَ العَقِبَيْنِ). ورُوي أنه كان أسود العينين، طويل شعر الأجفان، أحور أكحل، في عنقه طول، خشن الصوت، رقيق الحاجب، كث اللحية كما وصفته أم معبد رضي الله عنها، حيث قالت: (وسيمٌ قسيمٌ، في عَينيهِ دعجٌ، وفي أشفارِهِ وطفٌ، وفي صوتِهِ صَهَلٌ، وفي عنقِهِ سَطعٌ، وفي لحيتِهِ كثاثةٌ، أزجُّ)، ووصف جابر بن سمرة -رضي الله عنه- لحيته، حيث قال: (وَكانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ)
- طول القامة: ومن الصفات الخَلقية التي تميّز بها النّبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان متوسط القامة، لا بالقصير ولا بالطويل، فقد قال البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مربوعًا، بعيدَ ما بينَ المنكبينِ، له شعرٌ يبلغُ شحمة أُذُنَيهِ، رأيتُه في حُلَّةٍ حمراءَ لم أرَ شَيئاً قطُّ أحسن منه).
- شَعر الرسول: وأما شعره -عليه الصلاة والسلام- فكان شديد السواد، وليس بالجعد القطط، ولا بالناعم المسترسل، يبلغ طوله إلى شحمة أذنيه، وقد وصفه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قائلاً: (ليسَ بجَعْدٍ قَطَطٍ، ولَا سَبْطٍ رَجِلٍ).
- خاتم النبوة: وممّا كان يميزه -عليه الصلاة والسلام- خاتم بين كتفيه، كأنّه شامةٌ بارزةٌ، فقد رُوي عن جابر بن سمرة أنّه قال: (ورأيتُ الخاتمَ عند كتفِه مثلَ بيضةِ الحمامةِ، يُشبِهُ جسدَه).
- طيب الرائحة: كان -عليه الصلاة والسلام- ليّن الكف، طيّب الرائحة، حيث رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أزهرَ اللونِ، كأنَّ عرقَه اللؤلؤُ، إذا مشى تكفَّأَ، ولا مسستُ ديباجةً ولا حريرةً ألينَ من كفِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).
الجمال البياني للرسول
كان الأسلوب اللغوي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهم مظاهر جماله، حيث تميّز بالفصاحة، وعذوبة المنطق، ويمكن القول أن الفصاحة صفة تجمع بين حُسن اختيار الكلمات من غير تكلفٍ أو توعرٍ، وسلامة النّطق، وجمال الموضوع، وقد تحقّقت كلها في محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان فصيح اللسان بسبب نشأته البدويّة القرشيّة الخالصة، وقد اتّفقت الروايات التي تدلّ على تنزيه نطقه من عيوب الحروف ومخارجها، وقدرته على إيقاعها في أحسن مواقعها، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- سليم الكلام والمنطق.
وأما موضوع كلامه فقد كانوحي من الله تعالى، مصداقاً لقوله عز وجل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)، وأما المنطق العذب الذي كان يميّز كلامه فقد كان له تأثيرٌ خاصٌ على مستمعيه، وجذب أسماعهم، وفتح عقولهم وقلوبهم، كما قال ابن القيم رحمه الله: "إن كلامه يأخذ القلوب، ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه، وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل، مبيّن، يعدّ العاد ليس بهذا مسرع، ولا يحفظ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام، بل هديه فيه أكمل الهدي".
مواقع النشر (المفضلة)