احذروا سُرّاق الأوقات في رمضان


** إن رمضان خير الشهور وأفضها وأعظها أجرا وأكثرها خيرا , فهو شهر مبارك بكل ما تعنيه هذه الكلمة ,
** فكل أوقاته وساعاته وأيامه ولياليه فضائل وغنائم وأجور وفيرة , وخيرات وبركات وحسنات وعطايا وهبات كثيرة وكثيرة ؛
** لذا ينبغي لكل عاقل لبيب أن يجد غاية الجد في استغلال كل ثانية منه في الطاعات والعبادات بشتى أنواعها ؛ لأنه قد لا يبقى إلى رمضان آخر كما قال بعض العرب عند انقضاء رمضان: “يا رب صائمه لن يصومه وقائمة لن يقومه”، يعني أن كثيرا ممن صام رمضان وقامه هذا العام لن يعيش إلى رمضان قادم ,

** وهذا أمر واقع ؛ فكم ممن يصوم رمضان في عام لا يعيش إلى عام قابل.
** فالمؤمن العاقل يحرص كل الحرص على اغتنام حياته واستغلال أوقاته في كل ما يقربه إلى الله ,
** ويحذر غاية الحذر من كل ما يضيع عليه وقته.
** قال الله تعالى : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }
** وقال الله تعالى : { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }
** وقال الله تعالى : { يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }
** وعن ابن عباسٍ رضي الله عنْهما قال: قال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِرَجلٍ وهو يَعِظُه :
” اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ :
شبابَكَ قبلَ هَرمِكَ،
وصِحَّتَك قبل سَقْمِكَ،
وغِناكَ قبْلَ فقْرِكَ،
وفَراغَك قَبْلَ شُغْلِكَ،
وحياتَك قَبْلَ مَوْتِكَ”.

رواه الحاكم وقال: “صحيح على شرطهما”. ( وصححه الألباني )
** وفي كتاب : ( الفوائد ) , لابن القيم (ص: 31):
إضاعة الوقت أشد من الموت لأَن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها .
** وفي كتاب : ( الجواب الكافي ) أيضا (ص: 84):
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَ الْعَبْدِ هُوَ مادَّةُ حَيَاتِهِ،
وَلَا حَيَاةَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ،
بَلْ حَيَاةُ الْبَهَائِمِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ وَرُوحِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِقَلْبِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ بِذِكْرِهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ،

وَمَنْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَيَاةَ فَقَدَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَوْ تَعَوَّضَ عَنْهَا بِمَا تَعَوَّضَ مِمَّا فِي الدُّنْيَا،
بَلْ لَيْسَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ،

فَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَفُوتُ الْعَبْدَ عِوَضٌ، وَإِذَا فَاتَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ. اهـ
** قال الشاعر :
إذا مر بي يومٌ ولم أقتبس هدىً

ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري.
** وفي كتاب ( فتح الباري ) , لابن حجر (1/ 481) :
وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه من شعره [ يعني البخاري ] قَوْله :