تفاعلات الأدوية مع الأغذية Food-Drug Interactions



هذا الموضوع واسع جدا ً و متشعب و كثيرا ً بل غالبا ً ما يتم إغفاله حتى من قبل الأطباء و الصيادلة و النتيجة إما تفاقم اختلاطات الأدوية أو تراجع مفعولها و أحيانا ً الحد من فوائد بعض الأغذية
تفاعلات الأدوية مع الغذاء بالتعريف هي التأثير السلبي أو الإيجابي للغذاء على الدواء أو بالعكس التأثير السلبي أو الإيجابي للدواء على الغذاء
من المعروف أن عموم الأدوية التي تعطى عن طريق الفم لها مرحلتان أو طريقان في الجسم : الامتصاص عن طريق الأمعاء ثم الدخول إلى الكبد ثم إلى الدم حتى يصل إلى الخلايا المستهدفة في العلاج الدوائي ففي المرحلة الأولى إذا تزامن وجود أنواع من الأدوية في الأمعاء مع أنواع من الأغذية ( أو تم أخذ الدواء و الطعام معا ً ) هنا يحدث التفاعل في بعض الحالات بحيث قد يسبب غذاء معين منع دواء معين من الوصول إلى الدم أو قد يمنع الدواء وصول الغذاء إلى الجسم أو على العكس قد يساعد غذاء معين على امتصاص دواء معين أو قد يساعد دواء معين على امتصاص غذاء معين
أمثلة :
بروتين الكازيين Casein و الكالسيوم الموجودان في الحليب و مشتقاته يرتبطان بجزيئات معظم أنواع مضادات الحيوية و هذا يمنع امتصاص هذه الأدوية في الأمعاء .. و هذا يسبب بالتالي انخفاض الفعالية العلاجية لمضاد الحيوية مما يدفع بالطبيب إلى وصف مضادات حيوية أخرى أقوى فيترتب على ذلك زيادة الاختلاطات و التأثيرات الجانبية .. و الصحيح أن يكون الفاصل الزمني بين الحليب و مشتقاته ( و مكملات الكالسيوم أيضا ً ) من جهة و بين مضادات الحيوية 4 ساعات قبل أو بعد و هذا هام جدا ً للحصول على فعالية كاملة لمضادات الحيوية
مثال آخر :
يحتوي الغريبفروت Grapefruit و البوميلو Pomelo على مادتي النارينجين Naringin و النارينجينين Naringenin اللتان تؤثران بطريقتين على كثير من الأدوية , إذ تمنعان تفكيك أدوية معينة و تجعلانا نمتصها كما هي فتزيدان من اختلاطاتها على حساب تراجع مفعولها , بينما تمنع امتصاص أدوية أخرى
من الأدوية التي يمنع الغريبفروت و البوميلو تفكيكها و يزيد من امتصاصها خافضات الكولسترول من عائلة الستاتينات Statins فإذا أخذنا حبة الستاتين مع الغريب فروت فكأننا نأخذ 12 - 16 حبة من الستاتين أي يبقى الدواء وقتا ً أطول في الجسم فتزيد اختلاطاته و ليس مفعوله العلاجي
و السبب في ذلك أن مادتي النارينجين Naringin و النارينجينين Naringenin تبطلان عمل أنزيمات معينة تسمى CYP3E4 يفرزها الكبد و إن تجديد هذه الأنزيمات يحتاج إلى 3 أيام , بمعنى آخر إذا تناول الشخص كوبا ً من عصير الغريب فروت سيتداخل تأثيره على الستاتين لمدة 3 أيام قادمة فتتضاعف اختلاطات الستاتين , و من المعروف أن الذين يأخذون الستاتينات يطلب منهم أن يفحصوا الكبد و الكلى و العضلات بشكل دوري للوقوف على الضرر فيها بسبب اختلاطات الستاتينات .
خارج*العلاج*الدوائي تركيب فلاتر

على العكس تماما ً تأثير الغريب فروت مع مضادات الفطريات فهو يمنع امتصاصها و عملها لفترة 3 أيام كذلك و بالتالي تتكاثر الفطريات و يضطر الطبيب إلى إعطاء مضادات فطريات أقوى فأقوى مما يزيد من اختلاطات مضادات الفطريات و منها ما يسبب ضعف الإنجاب

.من الأمثلة على التفاعل بين الأعشاب و الأغذية و الأدوية Food-Drug-Herb Interactions
الفلفل الأسود Black Pepper يمنع امتصاص عموم الأدوية


يحتوي الفلفل الأسود على مادة البايبيرين Piperine ( و هي من أشباه القلويات Alkaloids و توجد في الفلفل الأبيض بنسبة أقل ) و هذه المادة تسرع و تحسن امتصاص المكملات الغذائية و الأدوية الطبيعية في الأمعاء مثل الكركم و مغلي ورق الزيتون و الفيتامينات الطبيعية .. و هي كجزيء مستقل لا تملك تأثيرا ً يذكر بمفردها , لكنها تحسن مفعول الأعشاب و المكملات الغذائية التي تؤخذ معها و السبب لأنها تكبح أنزيمات تهاجم جزئيات أخرى مما يجعلها تزيد امتصاص المواد الطبيعية من فيتامينات و مغذيات و مضادات أكسدة و غيرها فتزيد من مفعولها و فوائدها
هذا المفعول الكابح للأنزيمات في الفلفل الأسود يجعلها أيضا ً ترفع خطر النزف إذا تم أخذها مع أغذية أو أعشاب تمنع تراص الصفيحات الدموية ( و هي الآلية اللازمة لتخثر الدم ) مثل الثوم و الجينسينغ باناكس Panax ginseng و الجينكوبيلوبا ginkgo Biloba و الكركم و حشيشة الملاك angelica لأنها تزيد من فعالية هذه الأعشاب
من جهة أخرى تكبح مادة Piperine في الفلفل الأسود أيضا ً عمل أنزيمات CYP3E4 الكبدية التي تفكك الأدوية مما يمنع تأثير تلك الأدوية أو يخففه كثيرا ً , و هذا خطير بالطبع لمن يأخذ أدوية للسكري و الضغط و الكولسترول و القلب و السرطان وغيرها , لذلك يجب عدم استخدام توابل تحتوي على الفلفل الأسود أو الأبيض بالتزامن مع أخذ أي دواء أو يمكن استعماله بفاصل زمني لا يقل عن 12 ساعة عن وقت جرعة الدواء , و من المعلوم أن الفلفل الأسود يضاف إلى أطعمة*الوجبات*السريعة
مثال عن التداخل بين الأغذية و الأدوية Food - Drug Interaction
عصير الرمان يتداخل interfere مع بعض الأدوية
رغم الفوائد المذهلة للرمان و عصيره في كبح الالتهابات و الوقاية من أمراض القلب و الشرايين و السرطان و مشاكل البروستات و الصحة الإنجابية و الأمراض العصبية و غيرها .. فإن هناك أدوية يبطئ الرمان من تفكيكها في الكبد فيزيد من مفعولها , لكنه أيضا ً بذلك قد يزيد من تأثيراتها الجانبية و سميتها
تركيب فلاتر

الأغذية و الأعشاب التي تزيد من تمييع الدم
أمثلة عن التداخل بين الأغذية و الأعشاب و الأدوية Food-Herb-Drug Interaction
هناك أغذية و أعشاب تعمل على تمييع الدم يجب الحذر من أخذها و عدم الإكثار منها بالنسبة لمن يأخذ مميعات الدم كعلاج دوائي دائم من مضادات التخثر Anticoagulants و مضادات الصفيحات Antiplatelets فهي تزيد بذلك من خطر النزف و منها : التوتيات خصوصاً Bilberry , الثوم , البصل , الكراث , الإكثار من الفلفل الأحمر الحريف , الإكثار من ****ب , الإكثار من البقدونس , الإكثار من السمك , الأناناس كعصير , الشوندر كعصير , البطيخ الأحمر .. لكن لا مشكلة في الكميات المعتدلة ..
بينما هناك مكملات غذائية و أعشاب تعمل أيضاً على تمييع الدم يجب الامتناع عنها أو على الأقل إدارة جرعاتها بالتعاون مع الطبيب بالنسبة لمن يأخذ مميعات الدم كون الطرق العلاجية لاستخدام تلك المكملات تتطلب الاستعمال المديد أيضاً و منها : زيت السمك الغني بـ OMEGA3 و بالتحديد EPA , زيت الكريل Krill Oil , الفيتامين E على شكل Mixed Tocopherols & Tocotrienols , القرفة , الزنجبيل , الكركم , البابونج , الصبر Aloe vera , عشبة Dong Quai , زيت زهرة الربيع المسائية ( الأخدرية ) Evening Primrose Oil , زيت بذر الكتان Flaxseed Oil , زيت جنين القمح Wheat Germ Oil , عشبة حشيشة الحمى Feverfew , عشبة الجينكوبيلوبا Ginkgo Biloba , الغلوكوزامين Glucosamine الذي يعطى لترميم المفاصل , عشبة الحوذان Goldenseal , مستخرج بذر ****ب Grape Seed Extract , كستناء الحصان Horse Chestnut , عشبة شوك الجمل Milk Thistle , عشبة مخلب الشيطان devil's claw , البلميط المنشاري Saw Palmetto المستعمل لمشاكل البروستات
من جهة أخرى هناك أعشاب و مكملات غذائية تخفف من مفعول مميعات الدم منها : زيت كبد سمك القد Cod Liver Oil و زيت كبد الأسماك عموماً لغناها بالفيتامين K , عشبة الجينسينغ بأنواعها Ginseng , الشاي الأخضر , الخضار الورقية الخضراء و الهليون و البروكولي و براعم بروكسل Brussels Sprouts بكثرتها لغناها بالفيتامين K ..
من الواضح أن الأغذية المذكورة أعلاه في القائمتين , إذا وردت في الطعام اليومي تعدل مفعول*بعضها*البعض

العلاجات الهرمونية البديلة للغدة الدرقية و تداخلاتها الغذائية



قد سمعتم ربما عن مكونات في بعض الأطعمة تسبب تضخم الغدة الدرقية أو الدُراق ( ضمة على حرف الدال ) Goiter لذلك تدعى تلك المكونات مولدات الدُراق Goitrogens فهي تمنع خلايا الغدة الدرقية من امتصاص اليود فتفشل الغدة في تصنيع هرموناتها لأنها تستخدم اليود في تشكيل تلك الهرمونات , لذلك يحصل فيها تضخم وظيفي functional hypertrophy يهدف إلى تعويض وظيفتها و هذا النوع من التضخم الخاص بالغدة الدرقية هو الدُراق Goiter .. و أكثر من ذلك , يمكن أن تلتقي مولدات الدراق بهرمونات الغدة الدرقية و حتى بأدوية العلاج الهرموني البديل للغدة الدرقية Levothyroxine فتعطلها و تمنع مفعولها الصحيح
من بين أبرز مولدات الدراق الغليكوسينولات Glucosinolates و توجد في عائلة الخضار الصليبية Cruciferous Vegetables مثل البروكولي و الكيل Kale و القنبيط و الملفوف و اللفت و الكرنب و الفجل و ملفوف بروكسل و أوراق الخردل و الشوندر , و بدرجة أقل في الثوم و البصل ..
كما توجد مولدات الدراق Goitrogens في الصويا و الدخن و الكاسافا Cassava و الفول السوداني و حب الصنوبر
جرت العادة بالفعل على منع مصادر هذه المكونات في الأطعمة على مرضى قصور الغدة الدرقية Hypothyroidism و هذه التوصيات صائبة بالفعل في حال قصور الغدة الدرقية المرتبط بنقص اليود .. لكن الغليكوسينولات Glucosinolates بشكل خاص تتلف بحرارة الطهي و بالتالي لا مشكلة لدى مرضى قصور الغدة الدرقية في تناول تلك الأطعمة بعد الطهي تركيب فلاتر

أما قصور الغدة الدرقية تحت السريري Subclinical Hypothyroidism المرتبط إما بنقص تحويل هرمون الغدة الدرقية T4 إلى الشكل الفعال T3 و الذي يتم في الكبد مع مستويات طبيعية من TSH , أو بمرحلة مبكرة من التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي Autoiune Thyroiditis في مرض هاشيموتو Hashimoto's Disease فالآلية المرضية مختلفة و ليس للامتناع عن مولدات الدراق أثر يذكر لا سلبياً و لا إيجابياً بحسب الدراسات الحديثة
بل تفيد آخر الدراسات أن تناول الخضار الصليبية و التي تحتوي على الغليكوسينولات Glucosinolates قد يفيد المرضى الذين لديهم مشكلة في الكبد تقلل من وظيفته في تحويل T4 إلى T3 الشكل الفعال من هرمون الغدة الدرقية , و من جهة أخرى تحتوي الخضار الصليبية على مكونات هامة مثل Diindolylmethane تساعد في إدارة مشكلة هيمنة الإستروجين Estrogen Dominance لدى السيدات و التي كثيراً ما ترتبط بأصل الآلية المرضية لتطور مرض هاشيموتو ..
و بالتالي الحمية عن الخضار الصليبية في أولى مراحل مرض هاشيموتو ليست صحيحة , بينما في المراحل المتأخرة من المرض عندما يحصل تخريب كامل لنسج الغدة الدرقية من قبل المناعة الذاتية و عندئذ يصبح العلاج الهرموني البديل عبر Levothyroxine سبباً للتقليل من استهلاك الخضار الصليبية و غيرها من مصادر مولدات الدراق .. في تلك المراحل يجب الإقلال من تناول مصادر مولدات الدراق Goitrogens و إبعادها عن وقت تناول العلاج الهرموني البديل بثلاث إلى أربع ساعات ..