ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها
"سووا صفوفكم، حاذوا بين المناكب، سدوا الخلل، لا تذروا فرجات للشيطان، من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله"، بهذه الكلمات كان رسول الله ﷺ يأمر أصحابه قبل الصلاة.
وقال لهم يوما: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟"، فقالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟، قال: "يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف"، وأقبل عليهم يوما بوجهه فقال: "أقيموا صفوفكم، أقيموا صفوفكم، أقيموا صفوفكم، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم".
لقد آن اليوم بعد طول التباعد أن نسد الخلل، لقد آن للأجساد أن تتقارب وتتلاصق بعد طول غياب، فإن التباعد بين المحبين عقوبة وعذاب، (قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) ~ [طه:٩٧]، آن لنا اليوم أن نرى البنيان المرصوص في صفوف المسلمين، واقفين كصفوف الملائكة عند رب العالمين.
اقتباس:
وتباعدت أجسادنا في فرضنا *** واليوم قال إمامنا: سدوا الخلل
واليوم نرص صفوفنا كملائك *** صفت جلالا للعظيم على وجل
سدوا الخلل، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ولتختلط مشاعر الحب والإخاء والحنان، وليمتزج الود بالصفاء بالراحة بالأمان، ولنشيع السعادة والسرور والاطمئنان، فما يغني أن تكون الأجساد متقاربة، إذا كانت القلوب متنافرة، واسألوا الله -تعالى- أن يؤلف بين القلوب؛ فإنها -والله- نعمة لا تدرك بكنوز الأرض، وإنما هي فضل من الغفور الرحيم، (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) ~ [الأنفال:٦٣]، ولنكون كما قال القائل:
اقتباس:
إذا كانت الأجساد منا تباعدت *** فإن المدى بين القلوب قريب
سدوا الخلل وتراصوا في اجتناب المعاصي والمنكرات، فإنها سبب الأوبئة والأمراض والفيروسات، وخاصة فواحش الزنا والشذوذ والإباحيات، قال -عليه الصلاة والسلام-: "يا معشر المهاجرين!، لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا"، فهناك علاقة واضحة بين ظهور الفاحشة وانتشار الأوبئة، قال كعب الأحبار ل*** عباس -رضي الله عنهما-: "إذا رأيت الوباء قد فشا، فاعلم أن الزنا قد فشا"، فكيف لو رأى كعب دعوة الشذوذ في زماننا؟
سدوا الخلل ولا تذروا فرجات للشياطين، فإننا في زمن تتقلب فيه الموازين، فمتى كان المنكر معروفا؟، ومتى كان المعروف منكرا؟، ومتى أصبح الرويبضة السفيه يتكلم في أمر الناس؟، أيعقل هذا؟، وقد تركنا رسول الله ﷺ على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فالحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، فاسألوا عنها أهل العلم الأثبات، ولا عذر لأهل الهوى والشهوات.
سدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم المسلمين في كل مكان، وشاركوهم ما يعانونه من المصائب والمآسي والأحزان، فهناك مسلمة في الهند تنازع في حجابها، وهناك مسلمة في الغرب تعاقب على نقابها، وهناك مسلم في الصين أسير للظالم الشيوعي، وهناك مسلم في فلسطين تحت الاحتلال اليهودي، وهناك ملايين المسلمين قد أخرجوا من ديارهم بسبب الظلم والطغيان، وهناك ملايين المسلمين قد فرق بينهم بسبب الجنسيات والأوطان، فأين أمة الجسد الواحد؟، أين الحمى والسهر، لما يصيب إخواننا من الظلم والقهر؟!
اقتباس:
لا تيأسوا أن تستردوا مجدكم *** فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى
فتجشموا للمجد كل عظيمة *** إني رأيت المجد صعب المرتقى
سدوا الخلل، وسووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، فأتموا صلاتكم، واعلموا أنها خير أعمالكم، هي عمود الإسلام، وهي الحبل الذي بيننا وبين الله، من أضاعها فهو لما سواها أضيع، هي أول ما يحاسب عليه العبد، فإن صلحت، صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل، فاليوم وقد تراصت الصفوف، وزالت الأعذار والخوف، فما هو عذرك يا من تخلفت عن صلاة الجماعة؟
اقتباس:
فأجب نداء الله قبل منية *** تأتيك والقدر الأكيد يوافي
رد: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها
رد: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها
رد: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
رد: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها